توجّه يسوع بهذه الكلمات إلى بطرس ويعقوب ويوحنا عندما إستولى عليهم النعاس، خلال نزاعه في بستان الجثمانية. لقد أخذ معه الرسل الثلاثة هؤلاء الذين شهدوا تجلّيه فوق جبل طابور، أخذهم ليكونوا إلى جانبه في محنته ويستعدّوا لها بالصلاة معه، فالذي سيحدث سيكون تجربة أليمة بالنسبة إليهم أيضاً.

“إسهروا وصلّوا لئلا تقعوا في تجربة. إن الروح مستعد أمّا الجسد فضعيف”

كلمات يسوع هذه – إذ نقرأها على ضوء الظروف حين نطقها – تعكس أولاً حالته الروحية، أي الطريقة التي سيواجه بها المحنة، قبل أن تُعتبر بمثابة توصيات يوجّهها إلى تلاميذه. أمام آلامه الرهيبة الوشيكة يصلّي يسوع بكل قواه وكل ذاته، ويصارع رهبة الموت والخوف منه، فيرمي ذاته في محبّة الآب كي يبقى أميناً لإرادته حتى المنتهى، ويحث رسله على التشبُّه به.

يبدو لنا يسوع هنا مثالاً لكل من عليه أن يواجه محنة، ولكنه أيضاً أخٌ، يقف إلى جانبنا في ذلك الوقت الصعب.

“إسهروا وصلّوا لئلا تقعوا في تجربة. إن الروح مستعد أمّا الجسد فضعيف”

غالباً ما تتردّد، على لسان يسوع، الدعوة إلى السهر. وما يقصده بـ “السهر” هو ألاّ ندع النعاس الروحي يتغلّب علينا، فنبقى على إستعداد دائم لاستقبال إرادة الله، ونتعلّم كيف نقرأ علاماتها في تفاصيل حياتنا اليومية، وبالأخص أن نعرف كيف نقرأ الصعوبات والآلام على نور محبّة الله.

و”السهر” لا ينفصل أبداً عن الصلاة، إذ لا بدّ من الصلاة للتغلب على المحن. نستطيع أن نتخطّى ضعف الإنسان (أي “ضعف الطبيعة البشرية”) من خلال تلك القوة التي تأتينا من الروح.

“إسهروا وصلّوا لئلا تقعوا في تجربة. إن الروح مستعد أمّا الجسد فضعيف”

كيف نعيش كلمة الحياة لهذا الشهر؟

نحن أيضاً علينا أن نتوقّع أننا سنواجه تجارب عدّة، الصغيرة منها والكبيرة، التي نلتقي بها كل يوم. تجارب عادية، كلاسيكية لا بد أن يتعرّض لها كل مسيحي. والشرط الأول للتغلُّب على التجربة، أيّة تجربة كانت هو “السهر”، كما ينبِّهنا يسوع. ولكن علينا أن نعرف كيف نميّز وندرك أنها تجارب يسمح بها الله لا لنقع في اليأس إنما كي ننضج روحياً بالتغلّب عليها.

وفي نفس الوقت علينا أن نصلّي. الصلاة ضرورية، لأن هناك نوعين من التجارب نحن معرَّضون لهما في تلك الأوقات أكثر من غيرها: من جهة الوقوع في فخ الإدّعاء بأننا قادرون على التغلُّب على التجربة بقدرتنا الذاتية، ومن جهة أخرى الشعور العكسيّ، أي بأننا لن نستطيع الخروج منها لأنها تفوق قدرتنا. إنما يسوع يقول لنا العكس مؤكِّداً أن الآب السماوي لن يبخل علينا بقوة الروح القدس إن نحن سهرنا طالبين منه هذا الروح بإيمان.

كيارا لوبيك (أبريل 1990)

Comments are disabled.