Focolare Movement

كلمة الحياة نيسان 2011

Apr 18, 2011

"ولكن ليس ما أريد أنا، بل ما أنت تريد" (مرقس 14، 36)

صلّى لتبتعد عنه تلك الساعة، ولكنّه عاد وأسلم ذاته كلّيًا لإرادة الله:

“ولكن ليس ما أريد أنا، بل ما أنت تريد”

كان يسوع يعرف تمام المعرفة أنّ آلامه لم تكن بالحدث المفاجئ، وليست نتيجة قرار بشريّ وحسب، إنّما هي مخطّط الله عليه. سوف يُحاكَم وينبذه الناس، لكنّ الكأس التي سيشربها، تأتي من يد الله.

يُعلّمنا يسوع أنّ للآب مخططَ محبّة على كلّ إنسان، وهو يخصّ كلَّ واحد منا بمحبّة شخصيّة. وفي حال آمنا بهذه المحبة، وتجاوبنا بدورنا معها بمحبّتنا له، فسيؤول كلّ شيء إلى خيرنا. وبالنسبة إلى يسوع ، ليس من أمر، حتّى آلامه وموته، قد حدث صدفة.

ومن ثمّ جاءت القيامة التي نحتفل بها خلال هذا الشهر.

إنّ مَثَل يسوع الذي قام من الموت يجب أن يكون نوراً لحياتنا. يجب أن نرى في كلّ ما يحصل ويحدث من حولنا، حتّى ما يؤلمنا، أمرًا يسمح به الله أو يريده لأنّه يحّبنا. عندها سيكتسب كلُّ شيء في الحياة معنىً ويحمل معه فائدة، حتّى تلك الظروف التي في حينها قد تبدو لنا أنّها تلامس العبث، أو التي لا يفهمها العقل، أو التي ترمي بنا، كما حدث ليسوع، في هوّة من اليأس المميت. يكفينا آنذاك أن نردّد معه وبفعل ثقة كليّ بمحبّة الآب:

“ولكن ليس ما أريد أنا، بل ما أنت تريد”

ما يريده الله منّا هو أن نحيا حياتنا وأن نشكره بفرح على نِعَمِ الحياة. ولكن، قد نظنّ أحيانًا، بخاصّة عندما تواجهنا الآلام، أنّ إرادته أمر مفروض علينا ويجب الاستسلام أمامه، أو هي تتابع أحداث رتيبة مملّة تتوالى في حياتنا.

إنّ إرادة الله هي صوت الله في داخلنا، يُحدّثنا بلا انقطاع ويدعونا إليه، إنّها الطريقة التي يعبّر لنا بها عن حبّه ليهبنا ملء حياته. يمكننا أن نُشبّهها بالشمس وأشعّتها: الأشعّة هي بمثابة إرادة الله على كلّ إنسان. كلّ منّا يتبع شعاعًا مختلفًا عن الذي يسير فيه الآخر الذي يحقّق إرادة الله عليه أيضًا. جميعنا نتمّم إرادة واحدة هي إرادة الله، لكنّها تختلف من الواحد إلى الآخر. ونحن نعلم أنّ تلك الأشعة كلّما اقتربت من الشمس، اقتربت من بعضها بعضًا. هكذا، وبقدر ما نقترب من الله محققّين بشكل كامل إرادته الإلهيّة، يقترب واحدنا من الآخر إلى أن نصبح جميعنا واحدًا.

وإن عشنا على هذا النحو كلّ شيء في حياتنا قد يتبدّل. وبدل أن نتوجّه إلى مَن نرتاح إليهم ونخصّهم بمحبّتنا ونفضلّهم وحسب، سوف نحوّل اهتمامنا نحو جميع مَن تضعه إرادة الله على دربنا. وبدل أن نفضّل القيام بما يعجبنا سنصبح مستعدّين للقيام بما تقترحه علينا مشيئة الله ونفضّله. وأن نعيش إرادة الله بكلّ كياننا في اللحظة الحاضرة “بل ما أنت تشاء”، سوف يحملنا على التخلّي عن كلّ شيء وحتّى عن ذواتنا “ولكن لا ما أنا أشاء”. نحن لا نسعى وراء التخلّي بحدّ ذاته، بل نحن نبحث عن الله من دون سواه؛ فنكون بالنتيجة قد تخلّينا عن ذواتنا. وعندها يكون فرحنا كاملاً. يكفينا أن نغوص في اللحظة الحاضرة وأن نحقّق فيها إرادة الله ونحن نردّد:

“ولكن ليس ما أريد أنا، بل ما أنت تريد”

إنّ الماضي لم يعد بين أيدينا، والمستقبل ليس ملكًا لنا بعد. مثل ذلك المسافر في قطار؛ لكي يصل سريعًا إلى هدفه لا يسير داخل القطار ذهاباً وإياباً بل يجلس هادئًا في مقعده. هكذا لنثبت في اللحظة الحاضرة، لأنّ قطار الزمن يمشي من تلقاء نفسه.

فلنحبّ إذًا تلك الابتسامة التي يجب أن نعطيها، أو العمل الذي علينا أن نقوم به، أو السيّارة التي نقودها، أو الطعام الذي نُحضّره، أو البرنامج الذي نُنظّمه أو من يتألّم بقربنا.

لا تعود المحن أو الآلام تخيفُنا إذا كنّا نعرف، على مثال يسوع، أن نرى فيها إرادة الله أي محبّته لكلّ واحد منّا. لا بل يمكننا أن نردّد هذه الصلاة:

“أعطني يا ربّ ألاّ أخاف شيئًا، لأنّ كلّ ما سوف يحصل هو إرادتك! أعطني ألاّ أرغب بشيء لأنّ ليس هناك ما أرغب به أكثر من إتمام إرادتك وحدها.

ما المهمّ في هذه الحياة؟ وحدها إرادتك مهمّة‍!

أعطني ألاّ أخاف شيئاً لأنّ إرادتك تسكن  كلّ تفاصيل حياتي.

أعطني ألاّ أفتخر بشيء، لأنّ كلّ شيء نابع من إرادتك”.

كيارا لوبيك ( نيسان 2003)

___

0 Comments

Submit a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Subscribe to Newsletter

Thought of the day

Related post

Together to strengthen hope

Together to strengthen hope

In a divided and polarised world, can Movements and new Communities contribute to unity within the Church and in the world? On the eve of the great Jubilee of the Movements in St Peter’s Square, at which Pope Leo XIV will be present, some of the moderators of different ecclesial movements describe the value of the path of friendship and collaboration.

Up2Me for Children: a new educational opportunity

Up2Me for Children: a new educational opportunity

A training course on emotional and sexual education for children and families, offering the chance to grow together as a family unit by developing positive relationships with oneself and others and gaining relationship skills for family and community life.

Family: to forgive and to be forgiven

Family: to forgive and to be forgiven

We would like to share the testimony given by Aureliana and Julián from Paraguay during the Jubilee of Families, Children, Grandparents and the Elderly held in Rome on 31st May-1st June, 2025, attended by 50.000 people and in the presence of Pope Leo XIV.